النبوة غير مكتسبة


 
63- وَلَمْ تَكُنْ نُبُوَّةٌ مُكْتَسَبَةْْ *** وَلَوْ رَقَى في الخْيرِ أَعْلَى عَقَبَةْْ

ولم تكن نبوة مكتسبة: أي لا يكتسب العبد النبوة بمباشرة أسباب مخصوصة، كملازمة الخلوة والعبادة، وتناول الحلال، كما زعمت الفلاسفة. فالذي ذهب إليه المسلمون جميعاً أن النبوة إنما هي خصوصية من الله تعالى، ولا يبلغ العبد أن يكتسبها، ويفسرونها: باختصاص العبد لسماع وحي من الله تعالى بحكم شرعي تكليفي، سواء أمر بتبليغه أم لا، وهكذا الرسالة، لكن بشرط أن يؤمر بالتبليغ. ويفسر الفلاسفة النبوة: بأنها صفاء وتجل للنفس يحدث لها من الرياضات، وبالتخلي عن الأمور الذميمة والتخلق بالأخلاق الحميدة. والقول بأنها مكتسبة، من أقوى المسائل التي كفرت بها الفلاسفة ويلزم على قولهم باكتسابها تجويز نبي بعد سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم، أو معه. وذلك مستلزم لتكذيب القرآن والسنة. فقد قال تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}. وقال صلى الله عليه وسلم: "لا نَبِيَّ بَعْدِي". وأجمعت الأمة على إبقاءه على ظاهره.
وأما الولاية ففيها طريقتان، فمنها ما هو مكتسب، وهو امتثال المأمورات، واجتناب المنهيات، وتسمى الولاية العامة. ومنها ما هو غير مكتسب، وهو العطايا الربانية، كالعلم اللدني، وغير ذلك.
- ولو رقى في الخير أعلى عقبة: العقبة في اللغة، هي الطريق الصاعد في الجبل والمعنى لا يكتسب النبوة أحد، ولو فعل في الخير أشق العبادات. ثم قال:‏

64- بَلْ ذَاكَ فَضْلُ اللهِ يؤتيهِ لِمَنْ *** يَشَاءُ جَلَّ اللهُ واهِبُ المِنَنْ

بل ذاك فضل الله يؤتيه لمن يشاء: بعدما قرر أن النبوة والرسالة من غير اكتساب قرر - هنا - أنها تكون بفضل الله تعالى. والفضل هو إعطاء الشيء بغير عوض، لا عاجل ولا آجل، لذا لا يكون لغيره تعالى فعليه يكون الاصطفاء للنبوة والاختيار للرسالة إنما هو بفضل الله تعالى، كما قال عز وجل: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِي}. وقوله: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}.
وقوله: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى}. فهو سبحانه يعلم من كان مستجمعاً لشروط النبوة فيؤتيه إياها.
- جل الله واهب المنن: أي تنزه الله عن أن ينال أحد شيئاً لم يرد إعطاءه إياه، فهو سبحانه واهب المنن، أي واهب العطايا.‏

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الواجب لله 20 صفة

المستحيل على الله

تعلقات القدرة