أفضل الخلق على الاطلاق
65- وَأَفْضَلُ الخَلْقِ عَلَى الإطْلاقِ *** نَبِيّنَا فَمِلْ عَنِ
الشقَاقِ
وأفضل
الخلق:
أي أفضل المخلوقات على العموم الشامل للعلوية منها والسفلية من البشر والجن والملك
في الدنيا والآخرة في سائر خصال الخير وأوصاف الكمال هو نبينا محمد صلى الله عليه
وسلم. وما ورد من النهي عن تفضيله صلى الله عليه وسلم.
كقوله: "لا تُفَضِّلُونِي عَلَى الأَنْبيَاء" وقولِهِ:
"لا تُفَضّلُونِي عَلَى يُونُس بَنِ مَتّى" وقولهِ: "لا تُخَيِّرُونِي عَلَى
مُوسَى". ونحو ذلك، فمحمول على تفضيل يؤدي إلى تنقيص غيره من الأنبياء أو قاله
تأدباً وتواضعاً. وقيل معنى: "لا تفضلوني على يونس بن متى" أي لا تعتقدوا أني أقرب
إلى الله تعالى من يونس في الحس حيث ناجيته سبحانه فوق السماوات السبع، وهو ناجى
ربه في بطن الحوت في قاع البحر، لتنزهه تعالى عن الجهة والمكان فيستوي في حقه
سبحانه من فوق السماوات، ومن في قاع البحار. وقد قال صلى
الله عليه وسلم: "أَنَا أَكْرَمُ الأَوَّلِينَ والآخريِنَ عَلَى الله وَلاَ
فَخْرَ". أي ولا فخر أعظم من ذلك، أو ولا أقول ذلك فخراً
بل تحدثاً بنعمة الله. وتفضيله هذا إنما هو بتفضيل الله سبحانه له.
- فمل عن الشقاق: أي
بعدما عرفت مما تقدم فضله، إعدل عن المنازعة فيه، إذ
المنازعة خرق للإجماع.
66- والأَنِبِيَا يَلْونَهُ في الفَضْلِ
*** وَبَعْدَهُمْ ملائِكَةْ ذِي الفَضْلِ
والأنبيا:
فالأنبياء يتبعون نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم في الفضل، فمرتبتهم بعده، وإن
تفاوتوا فيها فيليه سيدنا إبراهيم فموسى فعيسى فنوح، وهؤلاء هم أولوا العزم، صبروا
وتحملوا مشاق الدعوة العظيمة، ويلي أولي العزم بقية الرسل ثم الأنبياء غير الرسل مع
تفاوت مراتبهم عند الله تعالى.
- وبعدهم ملائكة: وبعد
الأنبياء ملائكة الله ذي الفضل فمرتبتهم تلي مرتبة الأنبياء في الجملة. والذي يلي
الأنبياء من الملائكة رؤساؤهم جبريل فميكائيل فإسرافيل فملك الموت ثم بقية الملائكة. وجبريل أفضل الملائكة
على المشهور. وذهب القاضي أبو عبد الله الحليمي مع آخرين - كالمعتزلة - إلى أن
الملائكة أفضل من الأنبياء ما خلا نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم قال السعد: ولا
قاطع في هذه المقامات. وقال تاج الدين السبكي: ليس تفضيل البشر على الملك مما يجب
اعتقاده، والسلامة في السكوت عن هذه المسألة، والدخول في التفضيل من غير دليل قاطع
دخول في خطر عظيم، وحكم في مكان لسنا أهلاً للحكم فيه. واعلم أن الملائكة أجسام
لطيفة نورانية، قادرة على التشكل بأشكال مختلفة، حسنة، شأنها الطاعة، ومسكنها
السماوات غالباً. قال تعالى فيهم: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا
يَفْتُرُونَ}. وقال: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا
يُؤْمَرُونَ}. لا يوصفون بذكورة، فمن وصفهم بها فسق، ولا بأنوثة، فمن وصفهم بها كفر
لمعارضته قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ
الرَّحْمَانِ إِنَاثاً، أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ
وَيُسْأَلُونَ}. وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم "خُلِقَت الملائِكةُ مِنْ نورٍ، وخُلِقَ الجانُ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ، وخُلِقَ آدَمُ مَّما وُصِفَ
لكُمْ".
تعليقات