المشاركات

السمع والبصر والكلام

السمع والبصر: وأنه تعالى سميع بصير يسمع ويرى ولا يعزب عن سمعه مسموع وإن خفي. ولا يغيب عن رؤيته مرئي وإن دق. ولا يحجب سمعه بعد ولا يدفع رؤيته ظلام. يرى من غير حدقة وأجفان ويسمع من غير أصمخة وآذان كما يعلم بغير قلب ويبطش بغير جارحة ويخلق بغير آلة إذ لا تشبه صفاته صفات الخلق كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق. الكلام: وأنه تعالى متكلم آمرناه واعد متوعد بكلام أزلي قديم قائم بذاته لا يشبه كلام الخلق فليس بصوت يحدث من انسلال هواه أو اصطكاك أجرام ولا بحرف ينقطع بإطباق شفة أو تحريك لسان. وأن القرآن والتوراة والإنجيل والزبور كتبه المنزلة على رسله عليهم السلام. وأن القرآن مقروء بالألسنة مكتوب في المصاحف محفوظ في القلوب وأنه مع ذلك قديم قائم بذات الله تعالى لا يقبل الانفصال والافتراق بالانتقال إلى القلوب والأوراق وأن موسى ﭬ سمع كلام الله بغير صوت ولا حرف، كما يرى الأبرار ذات الله تعالى في الآخرة من غير جوهر ولا عرض. وإذا كانت له هذه الصفات كان حياً عالماً قادراً مريداً سميعاً بصيراً متكلماً بالحياة والقدرة والعلم والإرادة والسمع والبصر والكلام لا بمجرّد الذات.

الحياة والقدرة

 الحياة والقدرة: وأنه تعالى حي قادر جبار قاهر لا يعتريه قصور ولا عجز ولا تأخذه سنة ولا نوم ولا يعارضه فناء ولا موت وأنه ذو الملك والملكوت والعزة والجبروت له السلطان والقهر والخلق والأمر والسموات مطويات بيمينه والخلائق مقهورون في قبضته. وأنه المنفرد بالخلق والاختراع المتوحد بالإيجاد والإبداع خلق الخلق وأعمالهم وقدر أرزاقهم وآجالهم لا يشذ عن قبضته مقدور ولا يعزب عن قدرته تصاريف الأمور، لا تحصى مقدوراته ولا تتباهى معلوماته. العلم: وأنه عالم بجميع المعلومات محيط بما يجري من تخوم الأرضين إلى أعلى السموات وأنه عالم لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء بل يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ويدرك حركة الذر في جو الهواء ويعلم السر وأخفى، ويطلع على هواجس الضمائر وحركات الخواطر وخفيات السرائر بعلم قديم أزلي لم يزل موصوفا به في أزل الآزال لا بعلم متجدد حاصل في ذاته بالحلول والانتقال. الإرادة: وأنه تعالى مريد للكائنات مدبر للحادثات فلا يجري في الملك والملكوت قليل أو كثير صغير أو كبير خير أو شر نفع أو ضر إيمان أو كفر عرفان أو نكر فوز أو خسران زيادة أو نقصان طاع

ضرورة المجاز

فقولنا :    إن الله تعالى فاعل بمعنى أنه المخترع الموجد ، وقولنا : إن المخلوق فاعل فمعناه أنه المحل الذي خلق الله تعالى فيه القدرة بعد أن خلق فيه الإرادة بعد أن خلق فيه    العلم ، فارتباط القدرة بالإرادة والحركة بالقدرة ارتباط المعلول بالعلة وارتباط المخترع بالمخترع هذا إذا كان المحل عاقلاً وإلا فهو من ترتيب المسببات على أسبابها ، فصح أن يسمى كل ما له ارتباط بقدرة فاعلاً كيفما كان الارتباط ، كما يسمى السياف قاتلاً باعتبار ، والأمير قاتلاً باعتبار ، لأن القتل ارتبط بكليهما ، وإن كان ارتباطه على وجهين مختلفين ساغ تسمية كل منهما فاعلاً ، فمثل ذلك اعتبار المقدورات بالقدرتين ، والدليل على جواز هذه النسبة وتطابقها نسبة الله تعالى الأفعال إلى الملائكة تارة وتارة إلى غيرهم من العباد ، ومرة أخرى نسبها بعينها إلى نفسه ، فقال تعالى :  قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ  ، وقال تعالى :  اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا  ، وقال تعالى :  أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ  بالإضافة إلينا ، ثم قال تعالى :  أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً ثُمَّ شَقَقْنَا ال

ترجمة عقيدة اهل السنة

في ترجمة عقيدة أهل السنة في كلمتي الشهادة التي هي أحد مباني الإسلام فنقول وبالله التوفيق: الحمد لله المبدىء المعيد الفعال لما يريد ذي العرش المجيد والبطش الشديد الهادي صفوة العبيد إلى المنهج الرشيد والمسلك السديد المنعم عليهم بعد شهادة التوحيد بحراسة عقائدهم عن ظلمات التشكيك والترديد السالك بهم إلى اتباع رسوله المصطفى واقتفاء آثار صحبه الأكرمين المكرمين بالتأييد والتسديد المتجلي لهم في ذاته وأفعاله بمحاسن أوصافه التي لا يدركها إلا من ألقى السمع وهو شهيد المعرف إياهم أنه في ذاته واحد لا شريك له فرد لا مثيل له صمد لا ضد له منفرد لا ندّ له وأنه واحد قديم لا أول له أزلي لا بداية له مستمر الوجود لا آخر له أبدي لا نهاية له قيوم لا انقطاع له دائم لا انصرام له لم يزل ولا يزال موصوفا بنعوت الجلال لا يقضي عليه بالانقضاء والانفصال بتصرم الآباد وانقراض الآجال بل "هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم". التنزيه: وأنه ليس بجسم مصور ولا جوهر محدود مقدر وأنه لا يماثل والأجسام ولا في التقدير ولا في قبول الانقسام وأنه ليس بجوهر ولا تحله الجواهر ولا بعرض ولا تحله الأعراض بل لا يما

حقيقة نسبة الافعال للعباد

 . حقيقة نسبة الأفعال للعباد : ومن هذا يظهر أن تعلق القدرة ليس مخصوصاً بحصول المقدور بها . وأفعال العباد نسبتها إليهم على طريق الكسب لا الاختراع لأن الله تعالى هو المخترع لها ، والمقدر لها ، والمريد لها ، ولا يرد أنه كيف يريد ما نهى عنه ، لأن الأمر يغاير   الإرادة بدليل أمره جميع الناس بالإيمان ، ولم يرده من أكثرهم لقوله تعالى :  وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ  ، فنسبة الأفعال إلى العباد من نسبة المسبب    إلى السبب أو الواسطة ، وهذا لا منافاة فيه ، لأن مسبب الأسباب هو الذي      خلق الواسطة وخلق فيها معنى الوساطة ولولا ذلك الذي أودع الله تعالى فيها لم تصلح أن تكون واسطة وسواء كانت مما لم يودع العقل كالجماد والأفلاك والمطر والنار ، أو كانت عاقلة نم ملك أو إنسي أو جني . اختلاف المعنى باختلاف النسبة اللفظية : ولعلك تقول : لا تعقل نسبة الفعل الواحد إلى فاعلين لاستحالة اجتماع  مؤثرين على أثر واحد ، فنقول : نعم ، هو كما قلتم لكن محله إذا لم يكن الفاعل   إلا معنى واحد في الاستعمال . أما إذا كان له معنيان فيكون الاسم مجملاً متردداً بينهما في الاستعمال ،  وحينئ

المجاز العقلي

 ]  ] المجاز العقلي واستعمـاله ولا شك أن المجاز العقلي مستعمل في الكتاب والسنة ، فمن ذلك قوله      تعالى :  وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً  ، فإسناد الزيادة إلى الآيات مجاز عقلي لأنها سبب في الزيادة ، والذي يزيد حقيقة هو الله تعالى وحده . وقوله تعالى :  يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً  ، فإسناد الجعل إلى اليوم مجاز عقلي ، لأن اليوم محل جعلهم شيباً فالجعل المذكور واقع في اليوم ، والجاعل حقيقة هو الله تعالى ، وقوله تعالى :  وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً  ، فإن إسناد الإضلال إلى الأصنام مجاز عقلي لأنها سبب في حدوث الإضلال ، والهادي     والمضل هو الله تعالى وحده . وقوله تعالى حكاية عن فرعون :  يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً  ، فإسناد البناء إلى هامان مجاز عقلي لأنه سبب فهو آمر يأمر ولا يبني  بنفسه ، والباني إنما هم الفعلة ((من العمال)) . وأما الأحاديث ففيها شيء كثير يعرفه من وقف عليها ، وكان ممن يعرف  الفرق بين الإسناد الحقيقي والمجازي فلا حاجة إلى الإطالة بنقلها ، وقال العلماء :   إن صدور ذلك الإسناد من موحد ك

الله الوارث

الله تعالى هو (الوارث) فهو سبحانه وتعالى يرث الأرض وَمَنْ عليها، والوارث يبقى، وَالْمُوَرِّثُ يفنى. فالله سبحانه وتعالى هو الباقي؛ لأنه لا بداية له، فلا نهاية له، وكما يقولون :  وكل ما جاز عليه العدم * عليه قطعًا يستحيل القدم كل ما له بداية له نهاية، وكل ما لا نهاية له، فإن ذلك يدل على أنه لا بداية له. فالله سبحانه وتعالى قديم، والقديم لا يفنى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} سبحانه وتعالى. «كان الله، ولم يكن شيء معه ... ». أبدًا، متفرد سبحانه وتعالى، فأخرج الكون بكلمة (كن) فكان. « ... وهو الآن على ما عليه كان». أي هذا الكون، لم يدخل فيه سبحانه حلولاً، الله لم يحل فيه، ولم يتحد به؛ ولذلك يقولوا : "الحلول والاتحاد، غير عقائد المسلمين"، لا نعرفها لأن هناك من يتكلمون على الطاقة الكبرى، والحقيقة العظمى ، الله تعالي ليس طاقة، وليس كائنًا، الله تعالي متفرد سبحانه بالجلال، والجمال، والبهاء، والكمال ، فإن الله سبحانه وتعالى خلق الكون، وهو الآن على ما عليه كان، يقول للشيء "كن فيكون". هذه الكائنات رَكَّبَ الله فيها دلالة على الفناء، تفنى، فالوردة، جميلة في