وَعِنْدَنا أن الدُّعاءَ يَنْفَعُ

           

84- وَعِنْدَنا أن الدُّعاءَ يَنْفَعُ *** كما مِنَ القُرْآنِ وَعْدَاً يُسْمَعُ

وعندنا أن الدعاء ينفع: الدعاء هو الطلب على سبيل التضرع، وقيل: رفع الحاجات إلى رافع الدرجات. وعند أهل السنة: الدعاء نافع للأحياء والأموات، وضار لهم إن دعوت عليهم، وهو ينفع في القضاء المبرم والمعلق، أما القضاء المعلق فلا استحالة في رفع ما علق رفعه منه على الدعاء، ولا في نزول ما علق نزوله منه على الدعاء.
فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل ويتلقاه الدعاء، فيتعالجان إلى يوم القيامة". وأما القضاء المبرم فنفعه فيه تنزيل اللطف منه سبحانه وتعالى بالداعي، وإن لم يرفعه البتة وانقسام القضاء إلى المبرم والمعلق، إنما هو بحسب اللوح المحفوظ،
أما بحسب العلم فجميع الأشياء مبرمة إذ العلم لا يتغير البتة، لكنه لا يترك الدعاء اتكالاً على ذلك، كما لا يترك الأكل اتكالاً على إبرام الله الأمر في الشبع. وعند المعتزلة الدعاء لا ينفع، ولا يكفرون في هذا لأنهم أولوا الدعاء في قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} بالعبادة وأولوا الإجابة بالثواب.
- كما من القرآن وعداً يسمع: أي لأجل الذي يسمع داله من ألفاظ القرآن حال كونه موعوداً به.
قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ}. وتخصيص القرآن إنما هو لتواتره لا لقصر الدلالة عليه، وإلا فالسنة تدل على نفع الدعاء، وكذا الإجماع وقد دعا صلى الله عليه وسلم في مواطن كثيرة. وقد أجمع عليه السلف والخلف واعلم أن الإجابة تتنوع: فتارة يقع المطلوب على الفور، وأخرى يتأخر لحكمة، وتارة تقع الإجابة بغير المطلوب حيث لا يكون في المطلوب مصلحة ناجزة، أو يكون في غير المطلوب الذي وقع ما هو أصلح من المطلوب المدعو به، على أن الإجابة على كل الأحوال مقيدة بالمشيئة كما قال سبحانه: {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ}.
فهو مقيد لإطلاق الآيتين السالفتين.‏

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الواجب لله 20 صفة

المستحيل على الله

5/ صفة القيام بالنفس