اليوم الآخر

103- واليومُ الآخِرُ ثمَّ هَوْلُ الموقِفِ *** حَقٌّ فَخَفِّفْ يا رحيمٌ واسْعِفِ

واليوم الآخر: إن أول اليوم الأخر من وقت الحشر إلى مالا يتناهى على الصحيح. وقيل حتى يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. وإنما سمي آخراً لأنه متصل بآخر أيام الدنيا لا أنه آخرها. وسمي يوم القيامة لقيام الناس فيه من قبورهم بين يدي خالقهم، ولقيام الحجة لهم أو عليهم. وله أسماء نحو الثلاثمائة. واليوم الآخر حق مثل الهول الحاصل فيه وإن الناس ينالهم من الشدائد في الموقف الشيء الكثير. فطوله ألف سنة، وقيل: خمسون ألفاً، ولا تنافي لأن العدد لا مفهوم له، فيطول على الكفار، قال الحسن: مقداره خمسين ألف سنة، لا يأكلون فيها أكلة ولا يشربون فيها شربة حتى إذا انقطعت أعناقهم عطشاً واحترقت أجوافهم جوعاً، انصرف بهم إلى النار فسقوا من عين آنية، قد آن حرها، واشتد لفحها، فلما بلغ المجهود منهم ما لا طاقة لهم به كلم
بعضهم بعضاً في طلب من يكرم على مولاه ليشفع في حقهم، فلم يتعلقوا بنبي إلا دفعهم. ويتوسط على الفساق. ويخفف على الطائعين حتى يكون كصلاة ركعتين، فقد روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَهُونُ ذلك على المؤمن كتدلي الشمس للغروب إلى أن تغرب". وروي أيضاً بلفظ: "إن الله ليخفف على من يشاء من عباده طوله كوقت صلاة مفروضة". وفيه يلجم الناس بالعرق الذي هو أنتن من الجيفة فيبلغ آذانهم ويذهب في الأرض سبعين ذراعاً. ففي حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم". والناس في العرق على قدر أعمالهم، ففي الحديث: "تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً، وأشار صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه". وفيه سؤال الملائكة لهم عن أعمالهم وتفريطهم فيها: قال تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ}. وفيه شهادة الألسنة والأيدي والأرجل والسمع والجلد والأرض والليل والنهار والحفظة. أما الأنبياء والأولياء وسائر الصلحاء فهم عن كل هذا مبعدون. قال تعالى فيهم: {لَا يَحْزُنُهُمْ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ}. فهم آمنون من عذاب الله تعالى، لكنهم يخافون خوف إجلال وإعظام.
- ويجب الإيمان بعلامات اليوم الآخر المتواترة، فهي حق ثابت كثبوت اليوم الآخر، وعلاماته الصغرى، منها ما قد وقع، ومنها ما لم يقع. وأما الكبرى فهي عشر علامات، قال حذيفة بن أسيد الغفاري: "اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: ما تذاكرون؟ قالوا: نذكر الساعة، قال: إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، فذكر الدخان. والدجال. والدابة. وطلوع الشمس من مغربها. ونزول عيسى بن مريم. ويأجوج ومأجوج. وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب. وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم".
- ومنها رفع القرآن من المصاحف والصدور وخراب الكعبة بعد موت عيسى على يد الحبشة، ورجوع أهل الأرض كلهم كفاراً. والحاصل أن العلامات الكبرى متتابعة، فما أن تظهر واحدة حتى تتبعها بقية العلامات الأخر، وقد ورد عن عبد الله بن عمرو رفعه: "الآيات - أي العلامات الكبرى لقيام الساعة - خرزات منظومات في سلك، إذا انقطع السلك تبع بعضها بعضاً".‏

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الواجب لله 20 صفة

المستحيل على الله

تعلقات القدرة