هل الايمان ينقص ويزيد

21- وُرجِّحتْ زيَادةُ الإيمانِ *** بما تزيدُ طاعةُ الإنسانِ

ورجحت زيادة الإيمان: تقدم أن العمل من كمال الإيمان، عند أهل السنة، وهنا ذكر المصنف أن الإيمان يزيد بسبب زيادة طاعة الإنسان.
ورجح جمهور الأشاعرة القول بزيادة الإيمان، إذا زادت الطاعة، وهي فعل المأمور به واجتناب المنهي عنه، كما ينقص الإيمان بسبب نقص الطاعة. وقد يزيده المولى سبحانه وتعالى بمحض اختياره من غير سبب يقتضيه.
- والزيادة والنقصان في غير إيمان الأنبياء والملائكة. أما الأنبياء فيزيد ولا ينقص، لأن الكامل يقبل الكمال فحسب. ولا يرد أن الأنبياء يحصل لهم تجل عظيم في بعض الأحيان، كما كان في ليلة المعراج، فالإيمان بعده ليس بمنزلته قبله، لأن هذا لا يستلزم تفاوتاً في إيمانهم.
- وإيمان الملائكة لا يزيد ولا ينقص كما ذكره المصنف في كبيره عن ابن القيم وهو المشهور لأن إيمانهم جبلي بأصل الطبيعة لا يتفاوت، وذكر الشيخ عبد البر الأجهوري أنه يزيد ولا ينقص، فجعله كإيمان الأنبياء.
- فتلخص أن الأقسام الثلاثة: يزيد وينقص (وهو إيمان الأمة، إنساً وجناً) ولا يزيد ولا ينقص (وهو إيمان الملائكة على المشهور) ويزيد ولا ينقص (وهو إيمان الأنبياء) وزاد بعضهم قسماً رابعاً: وهو الذي ينقص ولا يزيد وهو إيمان الفساق.
- وقول سيدنا إبراهيم صلى الله عليه وسلم: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} ليطمئن من قلقه لرؤية الكيفية. لأن الله سبحانه قال: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى} أي أولم يكفك إيمانك وقوله صلى الله عليه وسلم: "نحنُ أحقُّ بالشكِ منْ إبراهيمَ". أي لو لحقه شك لتطرق لنا بالأولى نظراً لحال الأمة، لا لحاله صلى الله عليه وسلم، أو نظراً لحاله، ويكون منه تواضعاً.
- وقد احتجوا على أن الإيمان يزيد وينقص بحجة عقلية ونقلية، أما العقلية فهي: أنه لو لم تتفاوت حقيقة الإيمان بالزيادة والنقص لكان إيمان آحاد الأمة بل المنهمكين في الفسق والمعاصي مساوياً لإيمان الأنبياء والملائكة وهو باطل.
- وأما النقلية فهي النصوص الكثيرة الواردة على هذا المعنى: كقوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً} وكقوله: {لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ} وقوله: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً} وقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً} وكقوله عليه الصلاة والسلام لابن عمر لما سأله، الإيمان يزيد وينقص؟ قال: نعمْ، يَزيدُ حتَّى يُدخلَ صاحِبَه الجنةَ، ويَنقَصُ حتى يُدْخِلَ صاحِبهَ النارَ. وقوله صلى الله عليه وسلم: "لو وُزِنَ إيمانُ أبي بكرٍ بإيمانِ هذه الأمةِ لرجحَ به".
والآيات مع حديث لو وزن إيمان..، لا تدل على أن الإيمان ينقص بل ترشد إلى الزيادة فحسب، فنقول كل ما يقبل الزيادة يقبل النقص، فيتم الدليل على أنّ الإيمان يزيد وينقص غير أن إيمان الأنبياء يقبل الزيادة دون النقص لوجوب العصمة الدائمة المانعة من النقص.
- بما تزيد طاعة الإنسان: أي ورجح جماعة من العلماء القول بقبول الإيمان الزيادة ووقوعها فيه بسبب زيادة طاعة الإنسان، وهي: فعل المأمور به، واجتناب المنهي عنه.‏

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الواجب لله 20 صفة

المستحيل على الله

5/ صفة القيام بالنفس