السمعيات ـ الجنة والنار..

109- والنارُ حقٌّ أُوجدَتْ كالجنَّة *** فلا تَمِلْ لجاحدٍ ذي جِنَّة

والنار حق أوجدت: النار التي هي دار العذاب ثابتة بالكتاب والسنة، واتفاق علماء الأمة. أوجدها الله تعالى فيما مضى كالجنة التي هي دار الثواب. فالنار حق كالجنة، وهما موجودتان الآن، لا كما زعمه أبو هاشم وعبد الجبار من المعتزلة من أنهما توجدان يوم القيامة. والدليل قصة آدم وحواء على ما جاء به القرآن الكريم والسنة الشريفة وانعقد عليه الإجماع قبل ظهور المخالف. ولا حاجة تدفع إلى تأويل الجنة الواردة في القرآن الكريم ببستان على ربوة، والإخراج منها هو إنزال إلى بطن الوادي. فهذا التأويل إلحاد في الدين. ولم يرد نص صريح في تعيين مكانهما، كما في شرح المقاصد. إلا أن الكثيرين على أن الجنة فوق السماوات السبع وتحت العرش، وأن النار تحت الأرضين السبع. والحق تفويض علم ذلك إلى اللطيف الخبير.
وروي أن طِباقَ النارِ سبعٌ، أعلاها جهنم - وهي لمن يعذب على قدر ذنبه من المؤمنين، وتصير خراباً بخروجهم منها- وتحتها لظى لليهود ثم الحطمة للنصارى، ثم السعير للصابئين، ثم سقر للمجوس، ثم الجحيم لعبدة الأصنام، ثم الهاوية للمنافقين. "والنار أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم ألف سنة حتى احمرت، ثم ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة كالليل المظلم". وحرها هواء محرق، ولا جمر لها سوى بني آدم والأحجار المؤلهة من دون الله قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}.
واختلف في الجنة هل هي سبع جنات متجاورات، أو أربع، أو جنة واحدة؟ فذهب ابن عباس إلى أنها سبع، أفضلها وأوسطها الفردوس وهي أعلاها، والمجاورة لا تنافي العلو، وفوقها عرش الرحمن، ومنها تتفجر أنهار الجنة، ويليها في الأفضلية "عدن" ثم "الخلد" ثم "النعيم" ثم "المأوى" ثم "دار السلام" ثم "دار الجلال" وكلها متصلة بمقام الوسيلة لتنعيم أهل الجنة بمشاهدته صلى الله عليه وسلم لظهوره لهم منها، لأنها تشرف على أهل الجنة، كما أن الشمس تشرق على أهل الدنيا. ورجح جماعة أنها أربع لقوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} ثم قال: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} فالأوليان جنة النعيم وجنة المأوى، والأخريان جنة عدن وجنة الفردوس. وذهب الجمهور إلى أنها واحدة، وهذه الأسماء كلها جارية عليها لتحقق معانيها فيها، إذ يصدق على الجميع جنة عدن، فالعدن الإقامة. وجنة المأوى، لأنها مأوى المؤمنين وجنة الخلد، ودار السلام لأن جميعها للخلود والسلامة من كل خوف وحزن. وجنة النعيم، لأنها كلها مشحونة بأصنافه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أهل الجنة ليتراءَون الغرف في الجنة كما تراءَون الكوكب في السماء". "إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق، أو المغرب لتفاضل ما بينهم" قالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: "بلى، والذي نفسي بيده، رجال أمنوا بالله وصدقوا المرسلين".
- فلا تمل لجاحد: أي لا تصغ لقول منكرهما لكفره كالفلاسفة أو منكر لوجودهما فيما مضى لبدعته كأبي هاشم وعبد الجبار من المعتزلة لأن إنكارهما لا يكاد يصدر عن ذي عقل، إذ يؤدي إلى إحالة ما علم من الدين بالضرورة.‏
ـــــــــــــــــــــــ
110- دارَاْ خُلُودٍ للسَّعيدِ والشَّقِيْ *** مُعَذَّبٍ مُنَعَّمٍ مَهْمَا بَقِيْ

دارا خلود: أي إن الجنة والنار دارا بقاء مؤبد. وقد كفر الجهمية القائلين بفنائهما وفناء أهلهما، لمخالفتهم الكتاب والسنة. فالجنة دار خلود للسعيد منعم فيها، وهو من مات على الإسلام. والنار دار خلود للشقي معذب فيها وهو من مات على الكفر. أما عصاة المؤمنين فدار خلودهم الجنة، إذ أنهم لا يلبثون في النار إن دخلوها إلا مدة لا يدوم فيها عذابهم، إذ أنه يلقى عليهم الموت بعد الدخول بمدة ما يعلم إلا الله مقدارها، فلا يحيون حتى يخرجوا منها. والمراد بموتهم فقدان الإحساس بألم العذاب فحسب وإن اختار بعضهم الموت الحقيقي. عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها، ولا يحيون. ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم" أو قال: بخطاياهم" فأماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحماً أذن بالشفاعة. فجيء بهم ضبائر ضبائر، فبثوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم فينبتون نبات الجنة تكون في حميل السيل".
فقال رجل من القوم: كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان بالبادية وينبغي ألا يغتر بهذا، إذ يكفي أنهم لا يدخلون الجنة مع الداخلين، بله عذاب القبر. ويدخل في الشقي الكافر الجاهل والمعاند، ومن بالغ في النظر فلم يصل إلى الحق وترك التقليد الواجب عليه. وأولاد المشركين في الجنة على الصحيح، ولا فرق في السعادة والشقاوة بين إنسي وجني كما أن الخلود لازم للسعيد والشقي. وأما قوله تعالى: {وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ، يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد، فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيق، خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} فالمراد هنا بالسماوات والأرض سقف النار وأرضها وسقف الجنة وأرضها لا السماء والأرض في الدنيا، لتبدلهما. ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا صار أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار. ثم يذبح ثم ينادي منادٍ: يا أهل الجنة لا موت، يا أهل النار لا موت. فيزداد أهل الجنة فرحاً إلى فرحهم. ويزداد أهل النار حزناً إلى حزنهم" روي عن ابن عمر.
وللعذاب أنواع هائلة، منها الزمهرير والحيات والعقارب، وأشدها الحجاب عن الله سبحانه. روي عن ابن عباس أنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف من يكون طعامه ذلك".
وعن النعمان بن بشير أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أدنى أهل النار عذاباً يوم القيامة ينتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعليه". وفي النعيم أنواع أعلاها رؤية وجه الله تعالى الكريم وما نقل من أن أهل النار يلتذون بالعذاب حتى لو ألقوا في الجنة لتألموا، مدسوس على القوم كيف؟ وقد قال تعالى: {فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً}.
- فائدة: الناس في الموقف على حالتهم التي ماتوا عليها. ثم يدخل المؤمنون الجنة جرداً مرداً أبناء ثلاث وثلاثين سنة، طول كل واحد منهم ستون ذراعاً وعرضه سبعة أذرع، ثم لا يزيدون ولا ينقصون. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي مناد إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تيأسوا أبداً". وقال صلى الله عليه وسلم: "أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشدّ كوكب دري في الإضاءة، لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يتمخطون، أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة "عود الطيب" أزواجهم الحور العين على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء". أما أجسام الكفرة فمختلفة المقادير حتى ورد أن ضرس الكافر في النار مثل أحد وفخذه مثل ورفان - وهما جبلان في المدينة- ليتحملوا العذاب الأليم. قال صلى الله عليه وسلم: "ضرس الكافر في النار مثل أحد، وغلظ جلده مسيرة ثلاث وقال أيضاً:.. وعرض جلده سبعون ذراعاً، وعضده مثل البيضاء، وفخذه مثل ورقان، ومقعده من النار ما بيني وبين الربذة وقال: ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع، وقال:....وفخذه مثل البيضاء، ومقعده من النار كما بين قديد ومكة، وكثافة جسده اثنان وسبعون ذراعاً بذراع الجبار.‏
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
111- إيمانُنَا بحوضِ خَيرِ الرُّسْلِ *** حَتْمٌ كَمَا قَدْ جَاءَنَا في النَّقلِ

إيماننا بحوض: أي يجب إيماننا بالحوض الذي يعطاه أفضل المرسلين في الآخرة لكن لا يكفر من أنكره. بل يفسق. وقد نفته المعتزلة. وهو جسم مخصوص كبير متسع الجوانب، يكون على الأرض المبدلة وهي الأرض البيضاء كالفضة. من شرب منه لا يظمأ أبداً ترده هذه الأمة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء من شرب منه لا يظمأ أبداً". وورد أن لكل نبي حوضاً ترده أمته. وتخصيص حوض نبينا صلى الله عليه وسلم إنما لوروده بالأحاديث البالغة مبلغ التواتر، بخلاف غيره لوروده بالآحاد. ففي الصحيح من حديث أبي ذر قال: "قلت يا رسول الله ما آنية الحوض؟ قال: والذي نفس محمد بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها في الليلة المظلمة المصحية، من شرب منه لم يظمأ، يَشْخَبُ فيه ميزابان من الجنة، عرضه مثل طوله، ما بين عُمان وأيْلة، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل".
وعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني لَبِعُقْرِ حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرقُضَ عليهم، فَسُئِلَ عن عرضه؟ فقال: من مقامي إلى عُمان، وسئل عن شرابه، فقال: أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل يَغُتُّ فيه ميزابان يُمِدَّانِه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورق".
وما جاء من روايات تعين غير هذا فإنما تعود إلى أنه سبحانه تفضل على الرسول صلى الله عليه وسلم باتساعه شيئاً فشيئاً، فأخبر أولاً بالمسافة القصيرة ثم بالطويلة. وقد ورد أن حوضه صلى الله عليه وسلم أعرض الأحواض، فعن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لكل نبي حوضاً، وإنهم يتباهون أيهم أكثر وارداً. وإني أرجو أن أكون أكثرهم وارداً".
وللحوض لون كل شراب الجنة، وطعم كل ثمارها، وقد بين صلى الله عليه وسلم في أول الوارد إليه وفيمن يطرد عنه. فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حوضي كما بين عدن وعُمان. أبرد من الثلج وأحلى من العسل وأطيب ريحاً من المسك.... إلى أن قال: أول الناس عليه وروداً صعاليك المهاجرين. قال قائل: من هم يا رسول الله؟ قال: الشَّعِثَةِ رؤوسُهم، الشَّحِبَة وجوههم الدنِسَة ثيابهم، لا تفتح لهم السُّدُد، ولا يِنْكِحون المنعمات، الذين يعطون كل الذي عليهم ولا يأخذون كل الذي لهم".
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينا أنا قائم على الحوض، إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، فقلت: إلى أين؟ قال: إلى النار والله، فقلت: ما شأنهم؟ فقال: إنهم ارتدوا على أدبارهم القَهْقَرى، ثم إذا زمرة أخرى حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال لهم هلم، قلت: إلى أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا على أدبارهم، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل هَمَلِ النعم". وقال أيضاً: ترد علي أمتي الحوض، وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله. قالوا: يا نبي الله، تعرفنا؟ قال: نعم، لكم سيما ليست لأحد غيركم، تردون عليَّ غراً محجلين من آثار الوضوء، وليصدن عني طائفة منكم فلا يصلون. فأقول: يا رب، هؤلاء من أصحابي، فيجيبني ملك فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟".
وذهب الجمهور إلى أنه قبل الصراط، وصححه بعضهم، لأن الناس يخرجون من قبورهم عطاشاً فيردون الحوض للشرب منه، وعلى كل فإن الجهل بكونه قبل الصراط أو بعده لا يضر.‏
ـــــــــــــــــــــــــ
113- وَوَاجِبٌ شَفَاعَةُ المُشفَّعِ *** محمدٌ مقدَّماً لا تَمْنَعِ

وواجب شفاعة: أي وواجب سمعاً عند أهل الحق شفاعة الذي تقبل شفاعته. والشفاعة لغة: الوسيلة والطلب، وعرفاً: سؤال الخير من الغير للغير. وشفاعة الله سبحانه وتعالى عبارة عن عفوه، فإنه تعالى يشفع فيمن قال: لا إله إلا الله، مثبتاً رسالة الرسول الذي أرسل إليه ولم يعمل خيراً قط، فيتفضل الله تعالى عليه بعدم دخول النار بلا شفاعة أحد، والمقصود بالمشفع محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فهو المقدم على غيره من الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين، فهو الذي يفتح باب الشفاعة لغيره، فعن أنس رضي الله تعالى عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني لقائم أنتظر أمتي تعبر، إذ جاء عيسى عليه السلام. قال: فقال: هذه الأنبياء قد جاءتك يا محمد يسألون، أو قال: يجتمعون إليك يدعون الله أن يفرق بين جمع الأمم إلى حيث يشاء لعظم ما هم فيه، فالخلق ملجمون في العرق، فأما المؤمن فهو عليه كالزكمة، وأما الكافر فيتغشاه الموت، قال يا عيسى: انتظر حتى أرجع إليك. قال: وذهب نبي الله صلى الله عليه وسلم فقام تحت العرش فلقي ما لم يلق ملك مصطفى ولا نبي مرسل، فأوحى الله إلى جبريل عليه السلام أن اذهب إلى محمد فقل له ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، قال فشفعت في أمتي أن أخرج من كل تسعة وتسعين إنساناً واحداً، قال فما زلت أتردد على ربي فلا أقوم فيه مقاماً إلا شفعت حتى أعطاني الله من ذلك أن قال: أدخل من أمتك من خلق الله من شهد أن لا إله إلا الله يوماً واحداً مخلصاً، ومات على ذلك".
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل نبي سأل سؤالاً، أو قال: لكل نبي دعوة قد دعاها لأمته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي". وهذه هي الشفاعة العظمى المختصة به قطعاً، وهي أول المقام المحمود المذكور في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً}. أي يحمدك فيه الأولون والآخرون. وآخره استقرار أهل الجنة وأهل النار في النار. روى أبو سعيد رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدي لواء الحمد، ولا فخر، وما من بني آدم يومئذ فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر. قال: فيفزع الناس ثلاث فزعات، فيأتون آدم فذكر الحديث إلى أن قال: فيأتوني فأنطلق معهم، قال ابن جدعان: قال أنس: فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها، فقال: من هذا؟ فيقال: محمد، فيفتحون لي ويرحبون فيقولون: مرحباً، فأخر ساجداً، فيلهمني الله من الثناء والحمد، فيقال لي: ارفع رأسك، سل تعطه واشفع تشفع، وقل يسمع لقولك، وهو المقام المحمود الذي قال الله تعالى. الآية". وله صلى الله عليه وسلم شفاعات أخرى منها شفاعته في إدخال قوم الجنة بغير حساب ففي حديث طويل، قال صلى الله عليه وسلم: "أمتي يا رب، أمتي يا رب، فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال: والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى". ومنها شفاعته في عدم دخول قوم النار بعد أن استحقوها، وفي إخراج الموحدين من النار، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدخل من أهل هذه القبلة النار من لا يحصي عددهم إلا الله بما عصوا الله واجترؤوا على معصيته وخالفوا طاعته فيؤذن لي في الشفاعة، فأثني على الله ساجداً، كما أثني عليه قائماً، فيقال لي: ارفع رأسك وسل تعطه واشفع تشفع"!. ومنها شفاعته في زيادة الدرجات لأهل الجنة وغيرها كما ذكره السيوطي. والمعتزلة ذهبوا إلى إنكار الشفاعة فيمن استحق النار أن لا يدخلها، وفيمن دخلها أن يخرج منها. وإنما يثبون الشفاعة العظمى وزيادة الدرجات. وحجتهم حديث: "لا تنال شفاعتي أهل الكبائر من أمتي". وهو موضوع باتفاق، وبتقدير صحته يحمل على من ارتد منهم، وقد ورد عن أنس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي".‏



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الواجب لله 20 صفة

المستحيل على الله

تعلقات القدرة